الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **
فصل يشتمل كتاب الصداق على ستة أبواب وهي ثلاثة: الحكم الأول في أن الصداق في يد الزوج كيف يضمن فإذا أصدقها عينا فهي مضمونة عليه إلى أن يسلمها وفي كيفية ضمانه قولان أظهرهما وهو الجديد ضمان العقد كالمبيع في يد البائع والقديم ضمان اليد كالمستعار والمستام ويتفرع على القولين مسائل. المسألة الأولى: إذا باعت الصداق قبل قبضه إن قلنا ضمان يد جاز وإلا فلا ولو كان الصداق دينا فاعتاضت عنه جاز إن قلنا ضمان يد وإلا فقولان كالثمن أظهرهما الجواز كذا ذكره الإمام وغيره وفي التتمة لو أصدقها تعليم القرآن أو صنعة لم يجز الإعتياض على قول ضمان العقد كالمسلم فيه. المسألة الثانية تلف الصداق المعين في يده فعلى ضمان العقد ينفسخ عقد الصداق ويقدر عود الملك إليه قبيل التلف حتى لو كان عبدا كان عليه مؤنة تجهيزه كالعبد المبيع يتلف قبل القبض ولها عليه مهر المثل وإن قلنا ضمان اليد تلف على ملكها حتى لو كان عبدا فعليها تجهيزه ولا ينفسخ الصداق على هذا القول بل بدل ما وجب على الزوج تسليمه يقوم مقامه فيجب لها عليه مثل الصداق إن كان مثليا وقيمته إن كان متقوماً ورجح الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وجوب البدل والجمهور رجحوا القول الأول وهو وجوب مهر المثل فإذا أوجبنا القيمة فهل يجب أقصى القيمة من يوم الصداق إلى يوم التلف لأن التسليم كان مستحقا في كل وقت أم يوم التلف فقط لأنه لم يكن متعديا أم يوم الصداق أم الأقل من يوم الصداق إلى يوم التلف فيه أربعة أوجه أصحهما الأول ولو طالبته بالتسليم فامتنع تعين الوجه الأول على المذهب وقيل يجب أقصى القيم من وقت المطالبة إلى التلف لأنه يصير متعديا ولو طالبها الزوج بالقبض فامتنعت ففي بقاء الصداق مضمونا عليه وجهان نقلهما أبو الفرج السرخسي الصحيح الضمان كما أن البائع لا يخرج عن عهدة المبيع بهذا القدر هذا كله إذا تلف الصداق بنفسه أما لو أتلف فينظر إن أتلفته الزوجة صارت قابضة وبرىء الزوج وقد ذكرنا في البيع وجها أن المشتري إذا أتلف المبيع في يد البائع لم يصر قابضا بل يغرم القيمة للبائع ويسترد الثمن فعلى قياسه تغرم له الصداق وتأخذ مهر المثل وإن أتلفه أجنبي فإن قلنا إتلاف الأجنبي المبيع قبل القبض كآفة سماوية فالحكم ما سبق وإن قلنا يوجب الخيار للمشتري وهو المذهب فللمرأة الخيار إن شاءت فسخت الصداق وحينئذ تأخذ من الزوج مهر المثل إن قلنا بضمان العقد ومثل الصداق أو قيمته إن قلنا بضمان اليد ويأخذ الزوج الغرم من المتلف وإن أجازت تأخذ من المتلف المثل أو القيمة ولها أن تطالب الزوج بالغرم فيرجع هو على المتلف إن قلنا بضمان اليد وإن قلنا بضمان العقد فليس لها مطالبة الزوج هكذا رتب الإمام والبغوي وغيرهما فأثبتوا لها الخيار على قولي ضمان العقد واليد ثم فرعوا عليهما وكان يجوز أن يقال إنما يثبت لها الخيار على قول ضمان العقد فأما على ضمان اليد فلا خيار وليس لها إلا طلب المثل أو القيمة كما إذا أتلف أجنبي المستعار في يد المستعير وإن أتلفه الزوج فعلى الخلاف في أن إتلاف البائع المبيع قبل القبض كالآفة السماوية أو كإتلاف الأجنبي والمذهب الأول وقد بينا حكم الصداق على التقديرين. المسألة الثالثة: حدث في الصداق نقص في يد الزوج فهو نقص جزء أو صفة فنقص الجزء مثل أن أصدقها عبدين فتلف أحدهما في يده فينفسخ عقد الصداق فيه ولا ينفسخ في الباقي على المذهب لكن لها الخيار فإن فسخت رجعت إلى مهر المثل على قول ضمان العقد وعلى ضمان اليد تأخذ قيمة العبدين وإن أجازت في الباقي رجعت للتالف إلى حصة قيمته من مهر المثل على قول ضمان العقد وإلى قيمة التالف على ضمان اليد وإن تلف أحد العبدين بإتلاف نظر إن أتلفته المرأة جعلت قابضة لقسطه من الصداق وإن أتلفه أجنبي فلها الخيار فإن فسخت أخذت الباقي وقسط قيمة التالف من مهر المثل إن قلنا بضمان العقد وقيمته إن قلنا بضمان اليد وإن أجازت أخذت من الأجنبي الضمان وإن أتلفه الزوج فهو كالتلف بآفة على المذهب وأما نقص الصفة فهو العيب كعمى العبد أو نسيانه الحرفة ونحوهما وللمرأة الخيار وفي الوسيط أن أبا حفص بن الوكيل قال لا خيار على قول ضمان العقد والمذهب الأول فإن فسخت الصداق أخذت من الزوج مهر المثل على الأظهر وبذل الصداق في القول الآخر وإن أجازت فعلى الأظهر لا شيء لها كما لو رضي المشتري بعيب المبيع وعلى ضمان اليد لها عليه أرش النقص وإن اطلعت على عيب قديم فلها الخيار فإن فسخت رجعت إلى مهر المثل أو إلى قيمة العين سالمة وإن أجازت وقلنا بضمان اليد فلها الأرش على المذهب وفيه تردد للقاضي حسين لأنها رضيت بالعين وإن حصل التعييب بجناية نظر إن حصل بفعل الزوجة جعلت قابضة لقدر النقص وتأخذ الباقي ولا خيار وإن هلك بعد التعييب في يد الزوج فلها من مهر المثل حصة قيمة الباقي على الأظهر وقيمة الباقي على القول الثاني وإن حصل التعييب بفعل أجنبي فلها الخيار فإن فسخت أخذت مهر المثل على الأظهر وقيمته سليما في الثاني ويأخذ الزوج الغرم من الجاني وإن أجازت غرمت للجاني وليس لها مطالبة الزوج إن قلنا بضمان العقد وإن قلنا بضمان اليد فلها مطالبته فينظر إن لم يكن للجناية أرش مقدر أو كان أرش النقص أكثر رجعت على من شاءت منهما والقرار على الجاني وإن كان المقدر أقل طالبت بالمقدر من شاءت منهما والقرار على الجاني وأخذت قيمة الأرش من الزوج وإن حصل التعييب بجناية الزوج فعلى الخلاف في أن جناية البائع كآفة أو كجناية أجنبي إن قلنا بالأول وقلنا بضمان اليد فعليه ضمان ما نقص فإن كان للجناية أرش مقدر كقطع اليد فعليه أكثر الأمرين من نصف القيمة وأرش النقص: فرعان وإن تلف بعضه أو كله باحتراق أو غيره فالحاصل هل هو نقصان نصفه كطرف العبد أم نقصان جزء كأحد العبدين وجهان أصحهما الثاني وقد سبقا في البيع الثاني أصدقها نخلا ثم جعل ثمره في قارورة وصب عليه صقرا من ذلك النخل وهو بعد في يده والصقر هو السائل من الرطب من غير أن يعرض على النار فإما أن تكون الثمرة صداقا مع النخل بأن أصدقها نخلة مطلعة وإما أن لا تكون الحالة الأولى إذا كانت صداقا ينظر إن لم يدخل الثمرة والصقر نقص لا بتقدير النزع من القارورة ولا بتقدير الترك فيها فتأخذهما المرأة ولا خيار لها بل الزوج كفاها مؤنة الجداد وإن حدث فيهما أو في أحدهما نقص فهو إما نقص عين وإما نقص صفة أما نقص العين فمثل أن صب عليها مكيلتين من الصقر فشرب الرطب مكيلة فلا يجبر نقص عين الصقر بزيادة قيمة الرطب ثم إن جعلنا الصداق مضمونا ضمان عقد انفسخ الصداق في قدر ما ذهب من الصقر إن قلنا جناية كالآفة وهو المذهب ولا ينفسخ في الباقي ولها الخيار. إن فسخت رجعت إلى مهر المثل وإن أجازت في الباقي أخذت بقدر ما ذهب من الصقر من مهر المثل وإن قلنا جناية كجناية الأجنبي لم ينفسخ الصداق في شيء ولها الخيار إن فسخت فلها مهر المثل وإن أجازت أخذت النخل والرطب ومثل ما ذهب من الصقر وإن قلنا بضمان اليد تخيرت أيضاً فإن فسخت فلها قيمة النخل مثل الصقر وقيمة الرطب أو مثله على الخلاف المذكور في كتاب الغصب أنه مثلي أو متقوم وإن أرادت أخذ النخل ورد الثمرة فعلى الخلاف في تفريق الصفقة وإن أجازت فلها ما بقي ومثل الذاهب من الصقر وأما نقصان الصفة فإذا نقصت قيمة الصقر والمكيلتان بحالهما أو قيمة الرطب فإن كان النقصان حاصلا سواء ترك الرطب في القارورة أو نزع فلها الخيار فإن فسخت فعلى قول ضمان العقد لها مهر المثل وعلى ضمان اليد لها بدل النخل والرطب والصقر وإن أجازت فإن قلنا بضمان العقد وجعلنا جنايته كالآفة أخذتها بلا أرش وإن جعلناها كجناية الأجنبي أو قلنا بضمان اليد فعليه أرش النقصان وإن كان الرطب يتعيب لو نزع من القارورة ولو ترك لا يتعيب فلا يجبر الزوج على التبرع بالقارورة لكن إن تبرع بها أجبرت المرأة على القبول إمضاء للعقد ويسقط خيارها. وقيل لا تجبر على القبول والصحيح الأول وهل يملك القارورة حتى لا يتمكن الزوج من الرجوع وإذا نزعت ما فيها لم يجب رد القارورة أم لا تملك وإنما الغرض قطع الخصومة فيتمكن من الرجوع وإذا رجع يعود خيارها فيجب رد القارورة إذا نزعت ما فيها فيه وجهان كما ذكرنا في البيع في مسألة النعل والأحجار المدفونة وإن كان الرطب لا يتعيب بالنزع ويتعيب بالترك فلها مطالبته بالنزع ولا خيار ولو تبرع هو بالقارورة لم تجبر هي على القبول لأنه لا ضرورة إليه. الحالة الثانية أن لا تكون الثمار صداقا بأن حدثت بعد الإصداق في يد الزوج فإن لم يحدث نقص أو زادت القيمة فالكل لها وإن حدث نقص فيهما أو في أحدهما فلا خيار لها لأن ما حدث فيه النقص ليس بصداق ولها الأرش وحكى ابن كج وجها أن لها الخيار وهو غلط وإن كان النقص بحيث لا يقف ويزداد إلى الفساد فهل تأخذ الحاصل وأرش النقص أم تتخير بينه وبين أن تطالبه بغرم الجميع فيه خلاف سبق في الغصب فيما إذا بل الحنطة فعفنت وفي العدة أنها على القول الأول تأخذ أرش النقص في الحال وكلما ازداد النقص طالبت بالإرش ولو كان الرطب يتعيب بالنزع من القارورة ولا يتعيب بالترك فتبرع الزوج بالقارورة لم تجبر على القبول لأنه لا حاجة إليه في إمضاء العقد هنا هذا كله إذا كان الصقر من ثمرة النخلة أما إذا كان الصقر للزوج والثمرة من الصداق فالنظر هناك إلى نقصان الرطب وحده إن نقص فلها الخيار وإن لم ينقص بالنزع فلا خيار فتأخذ المرأة الرطب والزوج الصقر ولا شيء لما تشربه الرطب وإن كان ينقص بالنزع فلها الخيار فإن تبرع الزوج بالصقر والقارورة سقط الخيار ولزم القبول على الصحيح ويجيء فيه ما سبق في التبرع بالقارورة. فرع إذا زاد الصداق في يد الزوج إن كان زيادة متصلة كالسمن وتعلم الصنعة فهي تابعة للأصل وإن كانت منفصلة كالثمرة والولد وكسب الرقيق قال المتولي إن قلنا بضمان اليد فهي للمرأة وإلا فوجهان كالوجهين في زوائد المبيع قبل القبض والصحيح أنها للمشتري في البيع وللمرأة هنا فإن قلنا للمرأة فهلكت في يده أو زالت المتصلة بعد حصولها ولا ضمان على الزوج إلا إذا قلنا بضمان اليد وقلنا يضمن ضمان المغصوب وإلا إذا طالبته بالتسليم فامتنع وفي التهذيب وغيره ما يشعر بتخصيص الوجهين في أن الزوائد لمن هي بما إذا هلك الأصل في يد الزوج وبقيت الزوائد أو ردت الأصل بعيب أما إذا استمر العقد وقبضت الأصل فالزوائد لها قطعاً. المسألة الرابعة المنافع الفائتة في يد الزوج غير مضمونة عليه إن قلنا بضمان العقد وإن طالبته بالتسليم فامتنع أما إذا قلنا بضمان اليد فعليه أجرة المثل من وقت الإمتناع وأما المنافع التي استوفاها بركوب أو لبس أو استخدام ونحوها فلا يضمنها على قول ضمان العقد إن قلنا جناية البائع كآفة وإن قلنا هي كجناية أجنبي أو قلنا بضمان اليد ضمنها بأجرة المثل. فرع قال الأصحاب القولان في ضمان العقد واليد مبنيان على أن الصداق نحلة وعطية أم عوض كالعوض في البيع وربما ردوا القولين إلى أن الغالب عليه شبه النحلة أم العوض ودليل النحلة قول ودليل العوض أن قوله زوجتك بكذا كقوله بعتك بكذا أو لأنها تتمكن من الرد بالعيب ولأنها تحبس نفسها لاستيفائه و لأنه تثبت الشفعة فيه وهذا أصح وأجابوا عن الآية بجوابين أحدهما أنه يجوز أن يكون المراد بالنحلة الدين يقال فلان ينتحل كذا فالمعنى آتوهن صدقاتهن تدينا والثاني يجوز أن يكون المعنى عطية من عند الله تعالى لهن وإنما لا يفسد النكاح بفساده لأنه ليس ركنا في النكاح مع أنه حكي قول قديم أنه يفسد النكاح بفساد الصداق.
بأن أصدقها حرا فقولان أظهرهما يجب مهر المثل والثاني قيمته بتقدير الرق وينسب هذا إلى القديم قال الشيخ أبو حامد والصيدلاني والقاضي حسين والبغوي وغيرهم قولان فيما إذا قال أصدقتك هذا العبد وهو عالم بحريته أو جاهل أما لو قال أصدقتك هذا الحر فالعبارة فاسدة فيجب مهر المثل قطعاً وحكى المتولي طريقة أخرى أنه لا فرق بين اللفظين في جريان القولين ولو قال أصدقتك هذا واقتصر عليه فلا خلل في العبارة ففيه القولان ولو ذكر خمرا أو خنزيرا أو ميتة فقيل يجب مهر المثل قطعاً وقيل على القولين فعلى هذا يعود النظر في عبارته إن قال أصدقتك هذا الخمر أو الخنزير فالعبارة فاسدة وإن قال هذا العصير أو النعجة فهو موضع القولين وعلى هذا على قول الرجوع إلى بدل الصداق يقدر الخمر عصيرا ويجب مثله وقد حكينا في نكاح المشرك فيما إذا جرى قبضهم في خمر وجها أنها تقدر خلا ولم يذكروا هناك تقدير العصير والوجه التسوية بينهما وحكينا وجها أنه تعتبر قيمة الخمر عند من يرى لها قيمة فلا يبعد مجيئه هنا بل ينبغي أن يرجح كما سبق في نكاح المشرك تفريق الصفقة والخنزير يقدر بقرة كذا قاله الإمام والبغوي وقد سبق مثله في كتاب نكاح المشرك وقال الغزالي يقدر شاة والميتة تقدر مذكاة ثم الواجب فيها وفي الخنزير القيمة هذا الإضطراب للأصحاب يزيد القول الأظهر القوة وهو وجوب مهر المثل الحكم الثاني تسليم الصداق فلو أخر تسليمه بعذر أو بغيره وطلب تسليم نفسها فلها الإمتناع حتى يسلم جميع الصداق إن كان عينا أو دينا حالا وإن كان مؤجلا فليس لها الإمتناع فإن حل الأجل قبل تسليمها فليس لها الإمتناع أيضاً على الأصح وبه قطع الشيخ أبو حامد وأصحابه والبغوي والمتولي وأكثر الأصحاب وقيل لها وبه قال القاضي أبو الطيب واختاره الحناطي والروياني لأنها تستحق الآن المطالبة ولو كانت المرأة صغيرة أو مجنونة فلوليها حبسها حتى تقبض الصداق الحال فلو رأى المصلحة في التسليم فله ذلك ولو اختلف الزوجان فقال لا أسلم الصداق حتى تسلمي نفسك وقالت لا أسلمها حتى تسلمه فثلاثة أقوال أظهرها يجبران بأن يؤمر بوضع الصداق عند عدل وتؤمر بالتمكين فإذا مكنت سلم العدل الصداق إليها والثاني لا يجبر واحد منهما بل إن بادر أحدهما فسلم أجبر الآخر والثالث يجبر الزوج أولا فإذا سلم سلمت. وذهبت طائفة كبيرة إلى إنكار هذا القول الثالث ومن أثبته قال موضعه ما إذا كانت متهيئة للإستمتاع أما إذا كانت ممنوعة بحبس أو مرض فلا يلزم تسليم الصداق وإن كانت صغيرة لا تصلح للجماع فهل يلزمه التسليم قولان ولو سلمت مثل هذه الصغيرة إلى زوجها هل عليه تسليم المهر قولان كالنفقة أظهرهما المنع وقيل بالمنع قطعاً لأن النفقة للحبس عليه وهو موجود والمهر للإستمتاع وهو متعذر وقيل بالإيجاب قطعاً لأن المهر في مقابلة بضع وهو مملوك في الحال والنفقة للتمكين وهو مفقود ويجري الخلاف في مطالبة الولي لو كان الزوج صغيرا وإن كان الزوج صغيرا وهي كبيرة فالأظهر أن لها طلب المهر كالنفقة وإذا قلنا يبدأ بالزوج أو يجبران فقالت سلم المهر لأسلم نفسي لزمه النفقة من حينئذ وإن قلنا لا يجبر واحد منهما فلا نفقة لها حتى تمكن. فرع إذا بادرت فمكنت فلها طلب الصداق على الأقوال كلها ثم إن يجر وطء فلها العود إلى الإمتناع ويكون الحكم كما قبل التمكين وإن وطىء فليس لها بعده الإمتناع على الصحيح كما لو تبرع البائع فسلم المبيع قبل قبض الثمن فليس له أخذه وحبسه ولو وطئها مكرهة فلها الإمتناع بعده على الأصح ويجري الوجهان فيما لو سلم الولي صغيرة أو مجنونة قبل قبض صداقها إذا بلغت أو أفاقت بعد الدخول فلو بلغت أو أفاقت قبله فلها الإمتناع قطعاً ولو بادر الزوج فسلم الصداق لزمها التمكين إذا طلبها وكذا لو كان الصداق مؤجلا فإن امتنعت بلا عذر فله الإسترداد وإن قلنا يجبر أولا لأن الإجبار بشرط التمكين. وإن قلنا لا يجبر فليس له الإسترداد على الأصح لأنه تبرع بالمبادرة كمعجل الدين المؤجل وقيل له ذلك لعدم حصول الغرض. وقال القاضي حسين إن كانت معذورة حين سلم فزال العذر وامتنعت استرد لأنه سلم راجيا التمكين فيشبه هذا الخلاف وجهين ذكرا فيما لو سلم مهر صغيرة لا تصلح للجماع عالما بحالها أو جاهلا وقلنا بالأظهر إنه لا يجب تسليم مهرها هل له الإسترداد فرع إذا استمهلت بعد تسليم الصداق أمهلت لتتهيأ بالتنظيف والإستحداد وإزالةالأوساخ على ما يراه القاضي من يوم و يومين وغاية المهلة ثلاثة وظاهر كلام الغزالي في الوسيط إثبات خلاف في أن المهلة بقدر ما تتهيأ أم تقدر بثلاثة أيام والمذهب خلافه ثم المفهوم من كلام الأكثرين أنه يجب الإمهال إذا استمهلت في العدة أنه ليس بواجب وعن نصه في الإملاء قول إنه لا إمهال أصلا والمذهب الأول ولا تمهل لتهيئة الجهاز ولا لانتظار السمن ونحوهما ولا بسبب الحيض والنفاس بل تسلم لسائر الإستمتاعات كالرتقاء والقرناء وإن كانت صغيرة لا تحتمل الجماع أو كان بها مرض أو هزال تتضرر بالوطء معه أمهلت إلى زوال المانع ويكره للولي تسليم هذه الصغيرة ولا يجوز للزوج وطؤها إلى أن تصير محتملة ولو قال الزوج سلموا إلي الصغيرة أو المريضة ولا أقربها إلى أن يزول ما بها قال البغوي يجاب في المريضة دون الصغيرة لأن الأقارب أحق بالحضانة وفي الوسيط أنه لا يجاب في الصورتين لأنه ربما وطىء فتتضرران بخلاف الحائض فإنها لا تتضرر لو وطىء وله أن يمتنع من تسلم الصغيرة لأنه نكح للإستمتاع لا للحضانة وفي المريضة وجهان قال في الشامل الأقيس أنه ليس له الإمتناع كما ليس له أن يخرجها من داره إذا مرضت وإذا تسلم المريضة فعليه النفقة لا كالصغيرة لأن المرض عارض متوقع الزوال ولو كانت المرأة نحيفة بالجبلة فليس لها الإمتناع بهذا العذر لأنه غير متوقع الزوال كالرتقاء ثم إن خافت الإفضاء لو وطئت لعبالة الزوج فليس عليها التمكين من الوطء قال الأئمة وليس له الفسخ بخلاف الرتق لأنه يمنع الوطء مطلقا والنحافة لا تمنع وطء نحيف مثلها وليس ذلك بعيب أيضاً ولو وطىء زوجته فأفضاها فليس له العود إلى وطئها حتى تبرأ البرء الذي لو عاد لم يخدشها هذا نص الشافعي رضي الله عنه فإن اختلفا في حصول البرء فأنكرته قال الشافعي رحمه الله القول قولها قال المتولي المراد بالنص إذا ادعت بقاء ألم بعد الإندمال لأنه لا يعرف إلا منها أما إذا ادعت بقاء الجرح وأنكرت أصل الإندمال فتعرض على أربع نسوة ثقات ويعمل بقولهن ومنهم من حمل النص على ما إذا لم يمض من الزمان ما يغلب فيه البرء فإن مضى راجعنا النسوة ومنهم من أطلق القول بمراجعتهن عند الإختلاف. وعلى هذا فالنص على ما إذا لم يكن نسوة ثقات. فرع مسائل عن مجرد الحناطي اختلف الزوج وأبو الزوجة فقال أحدهما هي صغيرة لا تحتمل فهل القول قول منكر الإحتمال أم تعرض على أربع نسوة أو رجلين من المحارم وجهان قلت أصحهما الثاني والله أعلم. ولو قال الزوج زوجتي حية فسلمها وقال لا بل ماتت فالقول قول الزوج ولو تزوج رجل ببغداد إمرأة بالكوفة وجرى العقد ببغداد فالإعتبار بموضع العقد فتسلم نفسها ببغداد ولا نفقة لها قبل أن يحصل ببغداد ولو خرج الزوج إلى الموصل وبعث إليها من يحملها من الكوفة إلى الموصل فنفقتها من بغداد إلى الموصل على الزوج الحكم الثالث التقرير فالمهر الواجب بالنكاح أو بالفرض يستقر بطريقين أحدهما الوطء وإن كان حراما لوقوعه في الحيض أو الإحرام لأن وطء الشبهة يوجب المهر ابتداء فذا أولى بالتقرير ويستقر بوطأة واحدة الطريق الثاني موت أحد الزوجين والموت وإن أطلقوا أنه مقرر فيستثنى منه إذا قتل السيد أمته المزوجة فإنه يسقط مهرها على المذهب ومنهم من ألحق بهذه الصورة غيرها كما ذكرناه في أول الباب الحادي عشر.
على الجديد وهو الأظهر وعلى هذا لو اتفقا على الخلوة وادعت الإصابة لم يترجح جانبها بل القول قوله بيمينه وفي القديم الخلوة مؤثرة وفي أثرها قولان أحدهما أثرها تصديق المرأة إذا ادعت الإصابة ولا يتقرر المهر بمجردها سواء طال زمنها أم قصر وأظهرهما أنها كالوطء في تقرير المهر ووجوب العدة وعلى هذا تثبت الرجعة على الأصح وهل يشترط على القديم في تقرر المهر بالخلوة أن لا يكون مانع شرعي كحيض وإحرام وصوم فيه وجهان ويشترط أن لا يكون مانع حسي كرتق أو قرن فيها أو جب أو عنة فيه قطعاً وإذا قلنا مجرد الخلوة لا تقرر ففي الوطء فيما دون الفرج وجهان كثبوت المصاهرة.
السبب الأول: أن لا يكون المذكور مالا بأن سميا خمرا وقد اندرج هذا في الحكم الأول من الباب الأول ولو أصدقها شيئاً فخرج مغصوبا فهل يجب مهر المثل أم قيمة المغصوب قولان أظهرهما الأول ولو أصدقها عبدين فخرج أحدهما حرا أو مغصوبا بطل الصداق فيه وفي آخر قولا تفريق الصفقة فإن أبطلنا فيه أيضاً فهل لها مهر المثل أم قيمتهما فيه القولان وإن صححنا فلها الخيار فإن فسخت فعلى القولين وإن أجازت فقولان أحدهما تأخذ الباقي ولا شيء لها غيره وأظهرهما تأخذ معه حصة المغصوب من مهر المثل إذا وزعناه على القيمتين على الأظهر وعلى الثاني تأخذ قيمته. فرع أصدقها عبدا أو ثوبا غير موصوف فالتسمية فاسدة ويجب مهر المثل قطعاً وإن وصف العبد والثوب وجب المسمى وحيث جرت تسمية فاسدة وجب مهر المثل بالغا ما بلغ. السبب الثاني: الشرط في النكاح إن لم يتعلق به غرض فهو لغو كما سبق في البيع وإن تعلق به لكن لا يخالف مقتضى النكاح بأن شرط أن ينفق عليها أو يقسم لها أو يتسرى أو يتزوج عليها إن شاء أو يسافر بها أو لا تخرج إلا بإذنه فهذا لا يؤثر في النكاح ولا في الصداق وإن شرط ما يخالف مقتضاه فهو ضربان أحدهما ما لا يخل بالمقصود الأصلي من النكاح فيفسد الشرط سواء كان لها بأن شرط أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى أو لا يطلقها أو لا يسافر بها أو أن تخرج متى شاءت أو يطلق ضرتها أو كان عليها بأن شرط أن لا يقسم لها أو يجمع بين ضراتها وبينها في مسكن أو لا ينفق عليها ثم فساد الشرط لا يفسد النكاح على المشهور وفي وجه أو قول حكاه الحناطي يبطل النكاح وأما الصداق فيفسد ويجب مهر المثل سواء زاد على المسمى أم نقص أم ساواه هذا هو المذهب وعن ابن خيران إن زاد والشرط لها فالواجب المسمى وكذا إن نقص والشرط عليها ومنهم من جعل هذا قولا مخرجا وحكى الحناطي وجها أن الواجب في الشروط الفاسدة أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل ووجها أن الشرط لا يؤثر في الصداق كما لا يؤثر في النكاح الضرب الثاني ما يخل بمقصود النكاح كشرطه أن يطلقها أو لا يطأها وقد سبق الكلام في الصورتين في فصل التحليل فإن صححنا النكاح أثر الشرط في الصداق كسائر الشروط الفاسدة. فرع نكحها على ألف إن لم يخرجها من البلد وعلى ألفين إن وجب مهر المثل وذكر الحناطي أنه لو نكحها على أن لا يرثها أو لا ترثه أو لا يتوارثا أو على أن النفقة على غير الزوج بطل النكاح وفي قول يصح ويبطل الشرط وأنه لو زوج أمته عبد غيره بشرط أن لا أولاد بين السيدين صح النكاح وبطل الشرط نص عليه في الإملاء وفي قول يبطل النكاح.
ولو شرط الخيار في الصداق فهل يبطل النكاح أم يصح ويجب المسمى أم يصح النكاح ويفسد المسمى ويجب مهر المثل فيه ثلاثة أقوال أظهرها الثالث وإذا صححنا الصداق ثبت الخيار على الأصح كما حكي عن نصه أنه لو أصدقها عينا غائبة صح ولها خيار الرؤية فعلى هذا إن أجازت فذاك وإن فسخت رجعت إلى مهر المثل وإذا أثبتنا خيار الشرط ففي خيار المجلس وجهان نقلهما الشيخ أبو الفرج.
نقل المزني في المختصر أنه لو نكحها بألف على أن لإبنها فسد الصداق وأنه لو نكحها بألف على أن يعطي أباها ألفا كان الصداق جائزاً وللأصحاب طرق المذهب منها فساد الصداق في الصورتين ووجوب مهر المثل فيهما وعلى هذا منهم من غلط المزني في نقله في الصورة الثانية ومنهم من تأوله والطريق الثاني فساد الصداق في الأولى دون الثانية عملا بالنصين والثالث طرد قولين فيهما ونسب العراقيون الصحة إلى القديم وقيل إن شرط الزوج فسد وإن شرطت فلا حكاه البغوي وإذا صححنا فالمهر في الصورتين ألفان السبب الثالث تفريق الصفقة فإذا أصدقها عبدا على أن ترد إليه مائة أو ألفان وصورته أن يقول للولي زوجني بنتك وملكني كذا من مالها بولاية أو وكالة بهذا العبد فيجيبه إليه أو يقول الولي زوجتك بنتي وملكتك كذا من مالها بهذا العبد فيقبل الزوج فهذا جمع بين عقدين مختلفي الحكم في صفقة فإن بعض العبد صداق وبعضه مبيع وفي صحة البيع والصداق قولان أظهرهما الصحة. ويصح النكاح قطعاً إلا على القول الشاذ السابق أن النكاح يفسد بفساد الصداق فإذا أبطلنا البيع والصداق فلها مهر المثل وإذا صححناهما وزعنا العبد على مهر مثلها وعلى الثمن فإذا كان مهر مثلها ألفا والثمن ألفا والعبد يساوي ألفين فنصفه مبيع ونصفه صداق فإن طلقها قبل الدخول رجع إليه نصف الصداق وهو ربع العبد وإن فسخ النكاح بعيب ونحوه رجع إليه جميع الصداق وهو نصف العبد ولو تلف العبد قبل القبض استردت الألف ولها بدل الصداق وهو مهر المثل على الأظهر ونصف قيمة العبد على الثاني ولو وجد الزوج بالثمن الذي أخذه عيبا ورده استرد المبيع وهو نصف العبد ويبقى لها النصف الآخر ولو وجدت العبد معيبا فردته ولو أرادت أن ترد أحد النصفين وحده جاز على الأصح لتعدد العقد والثاني المنع لتضرر التبعيض ولو قال زوجتك بنتي أو جاريتي وبعتك عبدها أو عبدي بكذا ففي صحة البيع والصداق قولان ذكرناهما في تفريق الصفقة فإن صححناهما وزع العوض المذكور على مهر المثل وقيمة العبد فما خص مهر المثل فهو صداق وإذا وجد الزوج بالعبد عيبا استرد الثمن وليس للمرأة رد الباقي والرجوع إلى مهر المثل لأن المسمى صحيح وإن رد العبد بعيب أو فسخ النكاح قبل الدخول بعيب رجع إليه جميع العوض المذكور وإن خرج العوض المعين مستحقا رد العبد ورجعت للصداق إلى مهر المثل على الأظهر وعلى الثاني إلى حصة الصداق منه. فرع لبنته مائة درهم فقال لرجل زوجتك بنتي وملكتك هذه الدراهم بهاتين المائتين لك فالبيع والصداق باطلان نص عليه في الأم لأنه ربا فإنه مسألة مد عجوة فلو كان من أحد الطرفين دنانير كان جمعا بين صداق وصرف وفيه القولان.
وهذا يتصور عند اتحاد الولي يكون له بنات بنين أو إخوة أو أعمام أو معتقات ويتصور مع تعدد الولي بأن وكل أولياء نسوة رجلا فالنكاح صحيح وفي الصداق طريقان أحدهما القطع بفساده وأصحهما على قولين أظهرهما فساده. ويجري الطريقان فيما لو خالع نسوة على عوض واحد هل يفسد العوض وأما البينونة فتحصل قطعاً ونص الشافعي رضي الله عنه أنه لو اشترى عبيدا لملاك صفقة من المالكين أو وكيلهم بطل البيع ولو كانت عبيدا بعوض واحد صحت الكتابة واختلفوا في البيع والكتابة الذين قالوا في النكاح والخلع قولان على أربع طرق أحدها طرد القولين فيهما والثاني يفسد البيع وفي الكتابة قولان والثالث تصح الكتابة وفي البيع قولان والرابع تصح الكتابة ويفسد البيع وإن أفردت قلت في البيع طريقان أصحهما طرد القولين والثاني القطع بالفساد وبه قال الإصطخري وفي الكتابة طريقان أصحهما قولان والثاني القطع بالصحة وإذا قلنا بصحة الصداق المسمى وزع المسمى على نسبة مهور أمثالهن على المذهب وفي وجه أو قول ضعيف يوزع المسمى على عدد رؤوسهن وإذا قلنا بفساد الصداق ففيم يجب لهن قولان كما لو أصدقها خمرا أظهرهما يجب لكل واحدة منهن مهر مثلها والثاني يوزع المسمى على مهور أمثالهن ولكل واحدة ما يقتضيه التوزيع ويكون الحاصل لهن على هذا القول كالمسمى إذا قلنا بصحته ولو زوج أمتيه بعبد على صداق واحد صح الصداق لأن المستحق واحد كبيع عبدين بثمن ولو كان له أربع بنات ولآخر أربع بنين فزوجهن بهم صفقة بمهر واحد بأن قال زوجت بنتي فلانة ابنك فلانا وفلانة فلانا بألف ففيه طريقان حكاهما المتولي أحدهما في صحة الصداق القولان والثاني القطع ببطلانه لتعدد المعقود له من الجانبين. السبب الرابع أن يتضمن إثبات الصداق رفعه. نقدم عليه أن الأب إذا زوج ابنه الصغير أو المجنون فإما أن يصدق من مال الإبن وإما من مال نفسه فإن أصدق من مال الإبن فالكلام في أنه هل يصير ضامنا للصداق إذا كان دينا وهل يرجع إذا غرم على ما سبق في الطرف السادس من باب بيان الأولياء فإن تطوع وأداه من مال نفسه ثم بلغ الإبن وطلقها قبل الدخول فهل يرجع النصف إلى الأب أم إلى الإبن فيه طريقان أحدهما وبه قال الداركي إنه على الوجهين فيما لو تبرع أجنبي على الزوج بأداء الصداق ثم طلق قبل الدخول هل يعود النصف إلى الزوج لأن الطلاق منه أم إلى الأجنبي المتبرع والطريق الثاني وهو المذهب وبه قطع الجمهور أنه يعود إلى الإبن وفرقوا بينه وبين الأجنبي بأن الأب يتمكن من تمليك الإبن فيكون موجبا قابلا قابضا مقبضا فإذا حصل الملك ثم صار للمرأة عاد إليه بالطلاق والأجنبي بخلافه فإن كان الإبن بالغا وأدى الأب عنه فكالأجنبي والأصح في صورة الأجنبي عود النصف إلى الأجنبي قاله الإمام فإذا قلنا يعود إلى الإبن الذي طلق فإن كان ما أخذه بالطلاق بدل ما أخذته فلا رجوع للأب وإن كان عين المأخوذ فقيل لا رجوع قطعاً وقيل على الوجهين فيمن وهب لإبنه عينا فزال ملكه عنها ثم عاد والمذهب المنع فإن كان الإبن بالغا فقيل كالصغير وقيل بالمنع قطعاً لأنه ليس للأب تمليكه فالأداء عنه محض إسقاط أما إذا أصدقها الأب من مال نفسه فيجوز ويكون تبرعا منه على الإبن قال البغوي سواء كان عينا أو دينا ثم لو بلغ الصبي وطلقها قبل الدخول عاد الخلاف فيمن يرجع إليه النصف فإن قلنا بالمذهب وهو العود إلى الإبن فإن كان أصدقها عينا وبقيت بحالها فرجع النصف إليه فهل للأب الرجوع فيه الخلاف المذكور فيما إذا زال ملك الإبن عن الموهوب ثم عاد وإن أصدقها دينا قال البغوي فلا رجوع فيما حصل كما لو اشترى لإبنه الصغير شيئاً في الذمة ثم أداه من ماله ثم وجد الإبن بالمبيع عيبا فرده يسترد الثمن ولا يرجع الأب فيه بخلاف ما لو خرج المبيع مستحقا يعود الثمن إلى الأب لأنه بان أنه لم يصح الأداء ولو ارتدت المرأة قبل الدخول فالقول فيمن يعود إليه كل الصداق وفي رجوع الأب فيه إذا عاد إلى الإبن كالقول في النصف عند الطلاق إذا عرفت هذه المقدمة فمن مفسدات الصداق أن يلزم من إثباته رفعه وذلك إما أن يكون بتوسط تأثيره في رفع النكاح وإما بغير هذا التوسط مثال القسم الأول أذن لعبده أن ينكح حرة ويجعل رقبته صداقا لها ففعل لا يصح الصداق لأنه لو صح لملكت زوجها وانفسخ النكاح وارتفع الصداق ولا يصح أيضاً النكاح لأنه قارنه ما يضاده وفي صحته احتمال لبعض الأئمة قلت هذا الإحتمال ذكره الإمام والغزالي قالا ولكن لا صائر إليه من الأصحاب وقد جزم به صاحب الشامل ذكره في آخر باب الشغار ولكن الذي عليه الجمهور الجزم ببطلان النكاح والله أعلم. ولو أذن له في نكاح أمة ويجعل رقبته صداقها ففعل صح النكاح والصداق لأن المهر للسيد لا لها فلو طلقها قبل الدخول بني على ما إذا باع السيد عبده بعدما نكح بإذنه ثم طلق العبد المنكوحة بعد أداء المهر وقبل الدخول إلى من يعود النصف وفيه أوجه أصحها إلى المشتري سواء أداه البائع من مال نفسه أو من كسب العبد قبل البيع أو بعده لأن الملك في النصف إنما حصل بالطلاق والطلاق في ملك المشتري فأشبه سائر الأكساب والثاني يعود إلى البائع بكل حال والثالث إن أداه البائع من عنده أو أدى من كسب العبد قبل البيع عاد إلى البائع وإن أدى من كسبه بعد البيع عاد إلى المشتري ولو فسخ أحدهما النكاح بعيب أو ارتدت أو عتقت وفسخت جرت الأوجه في أن كل الصداق إلى من يعود ولو أعتق العبد ثم طلق قبل الدخول أو حدث شيء من الأسباب المذكورة فحيث نقول بالعود إلى البائع يعود هنا إلى المعتق وحيث جعلناه للمشتري يكون هنا للعتيق فإن قلنا بالأصح وهو العود إلى المشتري ففي المسألة التي كنا فيها تبقى رقبة العبد كلها لمالك الأمة وإن قلنا بالعود إلى البائع فكذا هنا يعود النصف إلى السيد المصدق في صورة الطلاق ولو ارتدت أو فسخت بعيب عاد الكل إليه ولو أعتق مالك الأمة العبد ثم طلقها قبل الدخول أو فسخت أو ارتدت فعلى المعتق نصف قيمة العبد في صورة الطلاق وجميعها في الفسخ و الردة ويكون ذلك للزوج العتيق على الأصح ولسيده الأول على الوجه الآخر ولو قبل نكاح أمة لعبده الرضيع على قولنا يجوز إجبار العبد الصغير على النكاح وجعله صداقها فأرضعت الأمة زوجها وانفسخ النكاح فالعبد يبقى لمالك الأمة على الأصح. وعلى الوجه الآخر يعود إلى سيده الأول ولو ارتضع الصغير بنفسه فهو كالطلاق قبل الدخول ولو باع مالك الأمة العبد ثم طلق العبد قبل الدخول أو حصلت ردة أو فسخت فعلى الوجه المقابل للأصح يجب عليه لسيد العبد الأول نصف قيمة العبد في صورة الطلاق وجميع قيمته في سائر الصور وأما على الوجه الأصح فقد أطلق في التهذيب أنه لا شيء عليه وقال الشيخ أبو علي يرجع مشتري العبد عليه بنصف القيمة أو بجميعها لأن الصداق على هذا الوجه يكون أبدا لمن له العبد يوم الطلاق أو الفسخ وهذا هو الصواب وليتأول ما في التهذيب على أنه لا شيء عليه للسيد الأول ولو باع الأمة ثم طلق أو فسخت فعلى الأصح يبقى العبد له ولا شيء عليه وعلى الآخر يعود نصفه أو كله إلى السيد الأول مثال القسم الثاني كانت أم ابنه الصغير في ملكه فلو قبل لإبنه نكاح إمرأة وأصدقها أمة لم يصح الصداق لأن ما يجعله صداقا يدخل في ملك الإبن أولا ثم ينتقل إلى المرأة ولو دخلت في ملكه لعتقت عليه وامتنع انتقالها إلى الزوجة فيصح النكاح ويفسد الصداق ويجيء الخلاف في أن الواجب مهر المثل أم قيمتها هذا ما ذكره الأصحاب وقد ذكرنا خلافا فيما إذا أصدق الأب من ماله عن الصغير ثم بلغ وطلق قبل الدخول لأن النصف يرجع إلى الأب أو إلى الإبن فمن قال إلى الأب فقد ينازع في قولهم لا يدخل في ملكها حتى يدخل في ملك الإبن. السبب الخامس تفريط الولي في قدر المهر فإذا قبل لإبنه الصغير أو المجنون نكاحا بمهر المثل أو دونه أو بعين من أمواله بقدر مهر المثل أو دونه صح وإن قبله بأكثر من مهر المثل فالصداق فاسد وكذا لو زوج بنته المجنونة أو البكر أو الصغيرة أو الكبيرة بغير إذنها بأقل من مهر المثل فسد الصداق وفي النكاح في المسألتين قولان أظهرهما صحته كسائر الأسباب المفسدة ويجب مهر المثل وفيما إذا أصدقها عينا وجه أنه تصح التسمية في قدر مهر المثل والقول الثاني لا يصح النكاح لأنه ترك مصلحة المولى عليه فصار كترك الكفاءة ولو أصدق عن ابنه أكثر من مهر المثل من مال نفسه ففيه احتمالان للإمام أحدهما يفسد المسمى لأنه يتضمن دخوله في ملك الابن ثم يكون متبرعا بالزيادة والثاني يصح وتستحق المرأة المسمى لأنه لا ضرر على الابن بل إذا لم نصححه أضررنا به فإنه مهر المثل في ماله وبهذا الثاني قطع الغزالي والبغوي ورجح المتولي والسرخسي في الأمالي الاحتمال الأول ويتأيد بأنه لو لزم الصبي كفارة قتل فأعتق الولي عنه عبدا لنفسه لم يجز لأنه يتضمن دخوله في ملكه وإعتاقه عنه وإعتاق عبد الطفل لا يجوز.
من ذلك فعن رضي الله عنه أنه قال في موضع المهر مهر السر وفي موضع العلانية وللأصحاب طريقان أحدهما إثبات قولين وفي موضعهما وجهان أحدهما موضعهما إذا اتفقوا على ألف واصطلحوا على أن يعبروا عن الألف في العلانية بألفين أظهر القولين وجوب ألفين بجريان اللفظ الصريح بهما والثاني الواجب ألف عملا باصطلاحهما والوجه الثاني إثبات قولين مهما اتفقوا على ألف وجرى العقد بألفين وإن لم يتعرضوا للتعبير عن ألف بألفين اكتفاء بقصدهم قال الإمام وعلى هذه القاعدة تجري الأحكام المتلقاة من الألفاظ فلو قال الزوج لزوجته إذا قلت أنت طالق ثلاثا لم أرد به الطلاق وإنما غرضي أن تقومي وتقعدي وأريد بالثلاث واحدة فالمذهب أنه لا عبرة بذلك وفي وجه الإعتبار بما تواضعا عليه ثم ما المعنى بما أطلقناه في الوجهين من الإتفاق في السر أهو مجرد التراضي والتواعد أم المراد ما إذا جرى العقد بألف في السر ثم عقدوا بألفين في العلانية منهم من يشعر كلامه بالأول ومقتضى كلام البغوي وغيره إثبات القولين وإن جرى العقدان قال البغوي وخرج بعضهم من هذا أن المصطلح عليه قبل العقد كالمشروط في العقد وقد سبق بيان هذا التخريج والطريق الثاني وهو المذهب تنزيل النصين على حالين فحيث قال المهر مهر السر أراد إذا عقد في السر بألف ثم أتوا بلفظ العقد في العلانية بألفين تحملا وهم متفقون على بقاء العقد الأول وحيث قال المهر مهر العلانية أراد إذا تواعدوا أن يكون المهر ألفا ولم يعقد في السر ثم عقدوا في العلانية فالمهر مهر العلانية لأنه العقد ونقل الحناطي وغيره في المسألة نصا ثالثا وهو أنه يجب مهر المثل ويفسد المسمى وحملوه على ما إذا جرى العقد بألفين على أن يكتفى بألف أو على أن لا يلزمه إلا أداء ألف والمعتبر في المسألة توافق الولي والزوج وقد يحتاج إلى مساعدة المرأة. السبب السادس مخالفة الآمر لا يشترط في إذن المرأة حيث يعتبر إذنها تقدير المهر ولا ذكره. لكن لو قدرت فقالت زوجني بألف مثلا فزوجها الولي أو وكيله بخمسمائة لم يصح النكاح وألحق البغوي بهذه الصورة ما إذا زوجها الولي بلا مهر أو مطلقا وقيل في صحة النكاح في صورة الولي قولان ولو قالت لوكيل الولي زوجني ولم تتعرض للمهر فزوجها بدون مهر المثل فسد النكاح على المذهب وقيل قولان أحدهما يفسد والثاني يصح بمهر المثل وذكر البغوي هذين الطريقين فيما لو وكل الولي بالتزويج مطلقا فزوج الوكيل ونقص عن مهر المثل. وإذا قلنا لا يصح نكاح الوكيل إذا نقص عن مهر المثل فلو أطلق التزويج ولم يتعرض للمهر ففيه احتمالان للإمام أحدهما لا يصح النكاح أيضاً لأن الإطلاق يقتضي ذكر المهر عرفا وأصحهما يصح مهر المثل لأن فعله مطابق للإذن ولو أذنت للولي في التزويج مطلقا فزوج بدون مهر المثل أو بلا مهر فهل يبطل النكاح أم يصح بمهر المثل فيه القولان السابقان في السبب الخامس أظهرهما الصحة وقيل يفسد قطعاً كالوكيل ولو قالت للولي أو للوكيل زوجني بما شاء الخاطب فقال المأذون له للخاطب زوجتكها بما شئت فإن لم يعرف ما شاء الخاطب فقد زوجها بمجهول فيصح النكاح بمهر المثل وإن عرف فوجهان أصحهما صحة المسمى لعلمها به والثاني يصح النكاح بمهر المثل وبه قال القاضي حسين لإبهام اللفظ قلت هذا المذكور في هذا السبب هو طريقة الخراسانيين وأما العراقيون فقطعوا بصحة النكاح في كل هذه المسائل. قال صاحب البيان إذا أذنت في التزويج فزوجها وليها بلا مهر أو بدون مهر المثل أو بدون ما أذنت فيه أو بغير جنسه أو زوج الأب البكر الصغيرة أو الكبيرة بلا مهر أو بأقل من مهر مثلها أو وكل بعلا فزوجها بلا مهر أو بأقل من مهر مثلها فقال أصحابنا البغداديون يصح النكاح في كل و الله أعلم. فرع قال الولي للوكيل زوجها من شاءت بكم شاءت فزوجها برضاها بغير كفء بدون مهر المثل صح ولو قال زوجها بألف فزوجها بخمسمائة برضاها قال المتولي الصحيح صحة النكاح لأن المهر حقها وقيل لا يصح لأنه باشر غير ما وكل فيه. فرع جاء رجل وقال أنا وكيل فلان في قبول نكاح فلانة بكذا الولي والمرأة وجرى النكاح وضمن الوكيل الصداق ثم إن فلانا أنكره وصدقناه باليمين فهل يطالب الوكيل بشىء من الصداق وجهان أحدهما لا لأن مطالبة الأصل سقطت والضامن فرعه وأصحهما وهو محكي عن نصه في الإملاء أنه يطالب بنصف الصداق لأن المال ثابت عليهما بزعمه فصار كما لو قال لزيد على عمرو ألف وأنا ضامنة فأنكر عمرو يجوز لزيد مطالبة الضامن. فرع في فتاوى البغوي أنه إذا قال الولي للوكيل لا تزوجها إلا أن ترهن بالصداق فلانا أو يتكفله فلان صح وعلى الوكيل الإشتراط فإن أهمله لم يصح النكاح ولو قال زوجها بكذا وخذ به كفيلا فزوجها بلا شرط صح النكاح لأنه أمره بأمرين امتثل أحدهما وإن قال لا تزوجها إذا لم يتكفل فلان ينبغي أن لا يصح التوكيل لأن الكفالة تتأخر عن النكاح وقد منع العقد إلا بها وأنه إذا قال للوكيل زوجها بألف وجارية ولم يصف الجارية فزوجها الوكيل بألف لم يصح ولو قال زوجها بخمر أو خنزير أو مجهول فزوجها بألف درهم فإن كان ذلك نقد البلد وقدر مهر المثل أو أكثر صح النكاح والمسمى وإلا فلا.
|